3arabawi
المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 12/05/2008
| موضوع: █◄ تجـــــــــــار المـوت ►█ __ بقلـــمي__ الثلاثاء مايو 13, 2008 12:33 pm | |
| تزاوجـت نظراتها بخـيوط اليأس،ليصحـب كل مـرة ترتشف الشمس فيها لآخر خـيوطها انهيار في روحـها ، هكذا كانت تروح جـيئةً وذهابا بين غرف البيت والباب المطل على الشارع ،يتأرجح جسمها النحيل بين كل طواف لها.. ترتعش يداها لكنها ما تلبث تهدأ رعشتهما بدعك من بعضهما البعض، كم من الوقت مر وهي على هذا الحال ؟ لا أحد يعلم ولا حتى هي كانت تعلم...للمرة الألف تخرج رأسها من باب البيت المنهارة زواياه ،تمشط الطرقات التي بدأت تغرق وسط ظلمةٍ حالكة....تبحث بين الوجوه الشاحبة التي طردها انسدال الليل لتدلف بيوتها العتيقة....انتظرت وانتظرت لكن بدون جدوى .
كانت قد بعثت به رفقة بعض الدنانير .....
بني : أخاف أن لا تجد ما نحتاج إليه في مثل هذا الوقت ، فالناس صارت تتزاحم على كل شيء تحتاجه ولا تحتاجه ، أسرع بني....
لكن أمي....!!!!!! قالها بتجهّم ثم صنع ابتسامة زائفة ليكمل حديثه :حسنٌ يا أمي سأذهب ..لكن أعطني قطعة نقود .. رغم أنه بعمق ذاته كان يعلم جوابها له.. فلا يذكر يوما أنه قد حصل على تلك القطعة (...إييييييييف) قالها بنفس مهزومة حتى قبل أن تجيبه وتوجه إلى الدكان ...كان على مقربة من البيت ...إلا أنه يقع خلفه تماما ، دكان صغير يكاد يخلو من السلع ...صاحبه شيخ تراه كل الوقت على كرسيه الخشبي بجانب الطريق والمدعو بالحاج أبو وليد.
تساقطت الثواني ..من بعدها الدقائق ...والأيام ومن ثم الأسابيع كوريقات خريفية...لتخلو النفس من هدوءها...ويصرَّ المكان على أنه خلى من عـمر ذو العشر سنوات.
عيون من حولها حائرة دموع اعتصرتها الحيرة عليها قبل الحزن ...وهي تلطم الوجه الشاحب المحـمّل بالتّـجاعيد رغم صغر سنها ...وترسـم أخاذيذا بأظافرها علـى خدودٍ أكل منها الدهر وشرب ...تلتفت يمـنة ويسرة علها تجد في تلك العيون، بين تلك الجباه التي كتبت عليها أقدارهم جوابا لتساؤلاتها .....
لكن هاتان العـينان كانت تختلفان عن كـل العيون التي أصدمت بها من يوم اختفاءه إلى اليوم ، رجـل بربطة عنق يصاحبه زوجـها إلى عقر البيت ليلوح لها هذا الأخير بيده :تعالي...تعالي يا امرأة
قامت من مكانها لهفا وكأنها تعلم يقينا ما يريدون قوله لكنها أرادت حتما أن تعلم مصير ابنها
حديث وكلمات تطايرت بالمكان لترسم صورا تسقط تباعا وأنفاسا تكاد تلهب المكان ختمته هي بصرخة اهتز لها كل حجر وقرميد من بيوت القرية ...اتنفضت لها النفوس من مكانها ، تلاها ضرب شديد بأيدي الأب على وجهه.
حلمَ كأيّ طفلٌ صغير .. حلم فقط بأن يطير ، ووسط حُلمه الجميل كُسرت أجنحته البيضاء وضاع منه عمره..عــمر وُجِد مدفونا بأعلى التّل بنفس المنطقة بعد أسبوعين من اختفاءه بعد أن نزعت بعضٌ من أعضاءه ....وجد بعد أن نكشت الذئاب والكلاب الضالة الحفرة المدفونِ بها...وليتم التعرف عليه بعد إبلاغ أهله عن أمر اختفاءه.
هي واقعة حدث لعشرات الناس إن لم تكن لألوف منهم أبطالـها طيور تحلـــم ... وكائنات تشبه البشر شكلا لكنها تحمل بين جنبتاها أطنانا من العنف والشر و الجشع الأعمى القادر على الفتك بكل من دخل نطاقها التدميري وحتى الذي لم يدخل .
| |
|